روبوتات الدردشة الآلية ما هي إلا عبارة عن برنامج حاسوبي يستطيع إجراء محادثات مع البشر ومحاكاة الطريقة البشرية, لكنها تختلف في الأنواع تبعا لاختلاف كيفية عملها
الشهير ChatGPT كثيرا ما تردد اسمه في الفترة الأخيرة على أنه اختراع ضخم وناجح, خصوصا في ظل الإصدارات العديدة له, وظهور العديد من المنافسين مثل Gemini وغيرهم ممن سنأتي على ذكرهم لاحقا في المقال.
لكن ما نوع التكنولوجيا الذي يندرج تحته هذا الاختراع, أو بالأحرى ما نوع التطبيقات التي يندرج تحتها؟ يندرج شات جي بي تي وأشباهه تحت ما يسمى بروبوتات الدردشة الآلية أو Chatbot, يعود سبب تسميتها لأن وظيفتها الأساسية تتمثل في التفاعل مع المستخدمين عبر المحادثات النصية أو الصوتية, تماما مثل الدردشة مع شخص آخر, أما الكلمة "روبوت" تشير إلى نظام ذكي أو آلي يمكنه القيام بمهام معينة.
روبوتات الدردشة هذه مصممة لتوفير تجربة تفاعلية, حيث يمكن للمستخدمين طرح الأسئلة أو طلب المساعدة, والروبوت يستجيب لهم كما يفعل البشر في محادثة, كما أنها مؤتمتة بالكامل أي أنها قادرة على تنفيذ المهام بشكل آلي, مما يسمح بتقديم الدعم على مدار الساعة دون الحاجة إلى تدخل بشري مستمر.
ولكن ما الذي يكسبها هذه القدرة وما التكنولوجيا التي تعتمد عليها, هذه الأسئلة والمزيد عن روبوتات الدردشة نغطيها في هذا المقال, لذا كن مستعدا لتتلقى الكثير من المعلومات عنها.
روبوت الدردشة هو برنامج حاسوبي قادر على محاكاة طريقة تفاعل البشر مع بعضهم من خلال إجراء محادثات وحوارات, سواء أكان ذلك باستخدام الصوت أو النص. تتنوع روبوتات الدردشة من البسيطة مثل تلك القادرة على معالجة استفسارات محددة فقط, مثل "ما هي ساعات العمل لديك؟" وتقديم إجابة معينة, الى المعقدة مثل شات جي بي تي, يكون الاختلاف بينها تبعا لنوع التكنولوجيا المستخدمة فيها, حيث أن ليست جميعها تعتمد على الذكاء الاصطناعي. أما تلك التي يدخل الذكاء الاصطناعي فيها, فهي تعتمد على ما يسمى بال Conversational AI ومعالجة اللغة الطبيعية NLP لتتمكن من فهم اللغة البشرية والتفاعل معها. [1]
تستفيد الأعمال باختلاف نوعها من روبوتات الدردشة الآلية فيما يسمى بالمساعدين الافتراضيين Virtual Assistant , كشكل من أشكال خدمة العملاء وعلى مدار الساعة, للقيام بأعمال بسيطة مثل الإجابة عن استفسارات العملاء, من خلال محادثتها مع العملاء يمكنها اكتشاف الأنماط الشرائية لهم واستغلال هذا الأمر لتوجيه المحادثة بالشكل الصحيح وجعلها أكثر فعالية. [2]
تستطيع روبوتات الدردشة كذلك القيام ببعض المهام المتكررة, مثلا تستطيع تنفيذ إجراءات فورية وبسيطة مثل تغيير كلمة المرور أو تحديث بيانات المستخدمين, هذا يساعد في تسريع التعامل مع المهام الروتينية دون الحاجة الى تدخل بشري.
الى جانب ذلك, روبوتات الدردشة قادرة على تنظيم وتنسيق سير العمل بين الأنظمة المختلفة, على سبيل المثال, يمكن أن يتعامل مع عمليات متعددة التطبيقات كإجراء تسلسلي يتضمن خطوات عدة, مثل إرسال طلب, تحديث حالة, أو حتى إدارة عملية معقدة مثل الموافقات أو التنبيهات بين التطبيقات المختلفة.
تعزز روبوتات الدردشة كذلك من التعاون والتواصل بين الزملاء سواء أكان ذلك في العمل أو الدراسة, وذلك من خلال دمجها مع تطبيقات مختلفة, لو أخذنا تطبيق Microsoft Teams كمثال ودمجنا معه روبوت دردشة, سيصبح التطبيق مركزا إنتاجيا متكاملا, حيث يمكن لروبوت الدردشة المساعدة في جمع الأدوات والمحتوى وأعضاء الفريق في مكان واحد, حيث يمكنهم الدردشة و عقد الاجتماعات والتعاون على المشاريع بشكل سلس وسريع. على سبيل المثال, يمكن له أن يساعد في تنظيم الاجتماعات تلقائيا و إرسال تذكيرات أو حتى إدارة المهام الروتينية.
الاستفادة من روبوتات الدردشة بهذه الطريقة, ليست فقط تزيد من فعالية العمل والتعاون بتوفير المزيد من الوقت لهم من خلال أتمتة بعض المهام, مما يصب تركيزهم على المهام الأكثر أهمية و إبداعا, بل أيضا يقلل من النفقات المتعلقة بتوظيف عدد كبير من موظفي الدعم, وأخيرا تقديم الدعم للعملاء في أي وقت, مما يعزز رضا العملاء ويحسن تجربة المستخدم.
الاختلاف في النوعين يعتمد على كيفية عمل كل منها ونوع التكنولوجيا المستخدمة, لتوضيح الفرق بينهما نلخص كيفية عملهما في النقاط الآتية:
كانت بوتات الدردشة القديمة تعمل باستخدام تقنيات أبسط مقارنة بروبوتات الدردشة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي الحديثة, إليك شرح بسيط لكيفية عملها:
1. أنظمة قائمة على القواعد
كانت روبوتات الدردشة القديمة غالبا ما تستخدم قواعد ثابتة للرد على المدخلات من المستخدمين, كانت هذه القواعد محددة مسبقا من قبل المطورين, وكانت تتكون من كلمات أو عبارات معينة تحرك استجابات محددة.
2. مطابقة الكلمات الرئيسية
عندما يكتب المستخدم رسالة, يبحث روبوت الدردشة عن كلمات رئيسية معينة, إذا وجدت كلمة رئيسية تتطابق مع قواعدها, كانت تولد استجابة بناء على تلك الكلمة الرئيسية.
3. استجابات محددة مسبقا
كانت الاستجابات عادة مكتوبة مسبقا ومحدودة في التنوع, إذا طرح المستخدم سؤالا لا يتطابق مع أي من الكلمات الرئيسية أو القواعد المحددة, كانت بوت الدردشة غالبا ما تقدم استجابة عامة أو تفشل في الإجابة تماما.
4. فهم محدود للسياق
كانت روبوتات الدردشة القديمة تعاني من صعوبة في فهم السياق أو الجمل المعقدة, لم تكن قادرة على تذكر التفاعلات السابقة أو مراعاة سياق المحادثة, مما أدى إلى استجابات أقل دقة أو ملاءمة.
5. عدم وجود قدرة على التعلم
لم تكن هذه الروبوتات تتعلم من التفاعلات, وظل أدائها واستجاباتها ثابتة ما لم يتم تحديثها يدويا من قبل المطورين.
باختصار, كانت روبوتات الدردشة القديمة تعتمد على قواعد أساسية ومطابقة الكلمات الرئيسية لتقديم الاستجابات, مما أدى إلى وظائف محدودة وتجربة مستخدم أقل جاذبية مقارنة ببوتات الدردشة الحديثة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.
تعمل بوتات الدردشة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي من خلال استخدام تقنية متقدمة لفهم والرد على رسائل المستخدمين, فكما ذكرنا فإنها تعتمد على معالجة اللغة الطبيعية, لنرى كيف تعمل: [3]
1. المدخلات: عندما يكتب المستخدم سؤالا أو رسالة, يتلقى روبوت الدردشة هذه المدخلات.
2. معالجة اللغة الطبيعية: تستخدم الروبوتات الحديثة معالجة اللغة الطبيعية لفهم معنى الرسالة وتفسير اللغة البشرية بشكل مشابه للبشر. تشمل هذه العملية عدة خطوات:
على سبيل المثال, في جملة "ما هي ساعات العمل؟", الكلمات الرئيسية هنا هي "ساعات" و"عمل".
3. التعرف على النية: بعد معالجة الرسالة, يحتاج الروبوت الى تحديد ما يريده المستخدم, يتضمن ذلك:
على سبيل المثال, إذا كانت الرسالة تتعلق بالاستفسار عن أسعار المنتجات, فإن النية تكون "استفسار عن الأسعار".
4. توليد الاستجابة: بمجرد فهم النية, تولد بوت الدردشة استجابة, يمكن أن يتم ذلك عن طريق استرجاع إجابات مكتوبة مسبقا أو باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء استجابة جديدة.
5. الإخراج: بعد توليد الاستجابة, يرسل روبوت الدردشة هذه الاستجابة مرة أخرى إلى المستخدم, وذلك بصيغة مشابهة للطريقة التي يتحدث بها الناس, مما يجعل التفاعل أكثر طبيعية.
6. التعلم: تعتبر عملية التعلم جزءا مهما من قدرة بوتات الدردشة على تحسين نفسها, هذا يشمل:
باختصار, تستخدم روبوتات الدردشة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي معالجة اللغة لفهم الأسئلة, والتعرف على نية المستخدم, وتقديم إجابات ذات صلة, بينما تتعلم وتحسن مع التجربة.
بشكل عام هناك 6 أنواع مختلفة لروبوتات الدردشة وهي: [4]
1.روبوتات الدردشة المعتمدة على القوائم
لعلك على دراية بهذا النوع من روبوتات الدردشة في إحدى المواقع على الإنترنت, هذا النوع يقوم بتوجه المستخدمين بناء على مجموعة من الخيارات أو الأزرار, وليس عن طريق دردشة نصية. هذه الروبوتات تساعد المستخدمين في اتخاذ القرارات أو العثور على المعلومات من خلال توفير خيارات متعددة, عندما يختار المستخدم خيارا معينا, يمكن للروبوت أن يقدم له معلومات أو حل مشاكل محددة بناء على ذلك الاختيار.
يمكن اعتبار هذه الروبوتات كأداة تفاعلية تحاكي الأسئلة الشائعة FAQ التقليدية, حيث يمكن أن يقدم الروبوت إجابات سريعة وفعالة, مما يوفر الوقت ويسهل تجربة المستخدم. هذا النوع يفتقر للفهم بناء على السياق, لذا قد لا تكون مفيدة في حال أراد المستخدم إجابات عن أسئلة أكثر تعقيدا.
2.الروبوتات القائمة على القواعد
هذا النوع يعمل وفقا لقواعد وتعليمات محددة مسبقا, بحيث يتوقع المطورون سيناريوهات محددة قد يواجهها المستخدمون و يصممون روبوت الدردشة للتعامل مع هذه السيناريوهات والإجابة على نوع محدد من الأسئلة محددة, و تقديم الدعم في هذه الحالات المحددة, هذا يمكن أن يشمل الأسئلة الشائعة أو المواقف التي يمكن أن تحدث بشكل متكرر. وبالتالي, تفتقر هذه الروبوتات للمرونة والإبداع, إذ لا يمكنها التعامل مع أوامر جديدة أو أسئلة جديدة لم تبرمج عليها.
3.روبوتات الدردشة القائمة على الذكاء الاصطناعي
يعتمد هذا النوع من روبوتات الدردشة على معالجة اللغة الطبيعية والتعلم الآلي, مما يكسبها القدرة على التفاعل مع استفسارات وأسئلة المتابعين وإجراء المحادثات معهم كما لو أنها إنسان. مقارنة مع الأنواع السابقة, لا تبرمج هذه الروبوتات على أسئلة محددة أو حالات معينة للتفاعل معها, بل تقوم بفهم اللغة البشرية وتفسيرها, من ثم تقديم إجابة واضحة بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي. بمرور الوقت ومع المزيد من التفاعلات, تتعلم منها الروبوتات و تحسن من أدائها واستجابتها, هذا يوفر تجربة مستخدم ديناميكية وفعالة.
و لكن تكاليف تطوير روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تكون أعلى في البداية, نظرا للحاجة الى تجميع البيانات و تطوير النماذج وإجراء التدريب المستمر, هذا قد يتطلب موارد مالية وبشرية أكبر مقارنة بالروبوتات التي تعتمد على قواعد محددة مسبقا, إضافة الى أنها تحتاج الى كمية كبيرة من البيانات لتعلم كيفية فهم وتفسير الاستفسارات بشكل صحيح.
4.روبوتات الدردشة الصوتية
إذا كنت قد سمعت بالمنزل الذكي وكيف يستجيب للأوامر من خلال الصوت, فهو خير مثال على روبوتات الدردشة الصوتية, كما تعد Google Assitant و Alexa من الأمثلة على هذه الروبوتات. تتفاعل هذه الروبوتات مع المستخدم عن طريق الصوت واللغة المنطوقة بدلا من النصوص, كما أنها توفر تجربة مستخدم سريعة وسهلة خصوصا عندما لا تكون الكتابة أمرا ممكنا. قد تواجه هذه الروبوتات صعوبة في فهم اللكنات واللهجات المختلفة والمصطلحات العامية, كما أن الضوضاء والأصوات في الخلفية قد تؤثر على فهمها واستجابتها.
5.روبوتات الدردشة المعتمد على كلمات محددة
روبوتات الدردشة المعتمدة على التعرف على الكلمات الرئيسية تقوم بتحليل كلمات المستخدم و تبحث عن كلمات أو عبارات محددة تساعدها في تحديد كيفية الاستجابة. على عكس الروبوتات المعتمدة فقط على القواعد البسيطة, التي تستجيب لمدخلات محددة بشكل صارم, فإن روبوتات التعرف على الكلمات الرئيسية تتمتع بمرونة أكبر. فهي تستطيع فهم المعاني المختلفة للكلمات وتفسير الاستفسارات بشكل أكثر فعالية, مما يمكنها من التعامل مع مجموعة واسعة من الأسئلة والاستفسارات.
6.روبوتات الدردشة الهجينة
روبوتات الدردشة الهجينة تجمع بين تقنيات الذكاء الاصطناعي والأنظمة المعتمدة على القواعد, فهي تستخدم الذكاء الاصطناعي لفهم نية المستخدم في المحادثات المعقدة, مما يساعدها على تقديم استجابات أكثر دقة وفعالية.
في الوقت نفسه, تعتمد هذه الروبوتات على أشجار القرار والقواعد المحددة مسبقا لضمان استجابات متسقة, هذا الدمج يمنحها مرونة أكبر في التفاعل مع المستخدمين, مما يحسن من تجربة المستخدم بشكل عام.
يكمن التحدي في هذا النوع من الروبوتات في التصميم والصيانة, بحيث يجب الموازنة بين الاستجابة الآلية والتفاعل البشري وضمان عدم اعتمادها على جانب أكثر من الآخر, وذلك لتتمكن من تلبية احتياجات المستخدمين بالشكل المناسب.
الخاتمة
تلخيصا لما جاء في المقال, روبوتات الدردشة تتنوع في تعقيدها واستخداماتها, و تمتلك القدرة على محاكاة المحادثات البشرية والتفاعل معها بطرق متعددة, من خلال الاعتماد على تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغة الطبيعية, تستطيع تقديم استجابات دقيقة ومناسبة لاحتياجات المستخدمين.
كما تلعب هذه الروبوتات دورا حيويا في توفير خدمة العملاء على مدار الساعة, مما يسهم في تسريع عمليات الاستجابة للاستفسارات وتحسين رضا العملاء. إضافة إلى ذلك, يمكن استخدامها في أتمتة المهام الروتينية وتنظيم سير العمل, مما يتيح للموظفين التركيز على المهام الأكثر إبداعا وأهمية.
من الواضح أن الفروق بين روبوتات الدردشة البسيطة وتلك المعتمدة على الذكاء الاصطناعي تؤثر بشكل كبير على مستوى التفاعل والتجاوب, حيث توفر الأخيرة تجربة أكثر تفاعلية وديناميكية. وبالتالي, فإن الاستثمار في هذه التكنولوجيا يعد خطوة استراتيجية للشركات والمؤسسات التي تسعى لتحقيق التميز في تقديم الخدمات وتحسين فعالية عملياتها.
المصادر